رواية ليلة تغير فيها القدر (الفصل المائتان والسابع والسبعون 277 حتى الفصل المائتان والتاسع والسبعون 279 ) بقلم مجهول
الفصل 277 الفيلا الضخمة المستترة
كانت حواجب أصلان معقودة بالتجاعيد ونظرته شديدة البرودة تبدو كأنها مغلفة بطبقة من الجليد أمام هذا المشهد تجمدت أميرة في مكانها شاعرة بالضعف حتى في ساقيها. تساءلت بينها وبين نفسها هل تغادر أم تبقى؟ بينما وقفت مترددة جسدها مشدود بالإحراج.
لكنه بدأ يتقدم نحوها بالفعل غضبه بدا كأنه يتبدد. وتحولت نظرته إلى أخرى أكثر دفئا وإشراقا.
هل أخفتك ؟ استنشق نفساً عميقاً ونظر إليها مباشرة.
من الذي أغضبك بهذه الطريقة ؟ سألته مدفوعة بالفضول.
شخص لا قيمة له. أجاب وهو يهز رأسه متجنباً التفاصيل بوضوح لكن كيف يمكن لشخص لا قيمة له أن يثير غضبه إلى هذا الحد؟ لا بد وأن يكون شخصاً ذا أهمية بالنسبة له !
وجهت نظرها نحوه وهو يبتعد محرجة وقالت: شكراً لك على اختيار الفستان والبدلة لي ولجاسر
هل قررت اختيارهما بالفعل ؟ سألها بينما كان يتنقل بخفة على الدرج.
وفجأة ولسبب غير معلوم انزلقت على الأرض السلسة.
آه ! حاولت الإمساك بالدرابزين لكنها بدلاً من ذلك انتهى بها المطاف محتضنة بين ذراعيه. كوني حذرة قد تكون هناك بعض بقع الماء من الصباح لا تزال على الأرض.
في تلك اللحظة أدركت أن يديها كانتا ملتفتين بإحكام حول خصره العريض. سرعان ما تخلت عن يديه لكن يده الكبيرة التقطت يدها بسرعة موجهاً إياها نحو الطابق السفلي.
شعرت بنفسها وكأنها طفلة تعجز حتى عن المشي بشكل صحيح بمفردها.
أصلان رافقها طوال الطريق إلى الطابق الثاني وبمجرد وصولهم انفصلت يدها عن يده بسرعة. يمكننا الذهاب إلى مكان الحفل مبكرا لنستمتع ببعض الوقت هناك
طبعا. أجابت موافقة. من الأفضل لك أن تقوم بما يجب عليك فعله أولاً.
ستكون هالة هناك أيضا إن كنت لا ترغبين بمقابلتها يمكنني تنظيم غرفة خاصة لك ولجاسر ذكر ذلك فجأة مع تركيز نظرته عليها.
هي رفعت نظرها قليلا. لم تكن متفاجئة فعليا فكانت تعرف جيدا ما كانت هالة تخطط له ولن تترك هالة مناسبة كهذه تفوتها.
لا داعي لذلك. لم تكن مزعجة بالنسبة لها ولكن حركتها عند الالتفات كانت طبيعية لدرجة بدت وكأنها تعبر عن الغيرة.
من جهة أخرى كانت هالة تتصفح الألبوم في أحد متاجر الفساتين الفخمة بالمدينة بحثا عن الفستان المثالي كل فستان كان مصنوعا يدويًا ومخصصًا للزبائن. وأخيرا اختارت الفستان الذي أعجبها نظرت إلى الثمن الذي كان حوالي ثلاثة ملايين ومائتي ألف وأعلنت بلامبالاة مصطنعة: سآخذ هذا.
بعد أن ارتدت الفستان أمعنت النظر في المرآة. كان الفستان خلابًا وكانت هيئتها ممشوقة أيضا لكنها لم تكن مسرورة بملامح وجهها.
كانت تمتلك ملامح صارمة ووجهها لم يكن ناعما بما يكفي على النقيض من أميرة التي كانت تتمتع بمظهر طاهر ووجه بيضاوي. كانت هالة تفكر دوما في إجراء عملية تجميل وفي هذه اللحظة قررت أن تقدم عليها. بعد الحفلة هذه الليلة كانت تحتاج إلى التحسين من مظهر وجهها.
لماذا كان أصلان مهتمًا بأميرة؟ يجب أن يكون السبب هو جمالها الكافي لأسره.
وصلت أميرة وجاسر إلى مكان الحفل في حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر قبل الوقت المحدد بفترة كافية. كان المكان عبارة عن فيلا فخمة مستترة داخل المدينة مزودة ببركة سباحة خاصة وإطلالة رائعة على حدائقها الواسعة. الفيلا التي كانت تستقبل فقط الضيوف من النخبة وتتمتع بنظام أمان متقدم كانت الموقع المثالي للأثرياء الإقامة فعالياتهم أو اجتماعاتهم. الإنفاق السنوي في هذا المكان كان يتجاوز عشرات الملايين
تم حجز هذا الموقع الاستثنائي وأغلق أمام الضيوف منذ أسبوع الإقامة حفل عيد ميلاد السيدة الكريمة كبيرة عائلة البشير عند وصولهما لم يكن جميع الضيوف قد وصلوا بعد المكان كان ساكنا وهادئا مما منح أميرة وجاسر فرصة للتجول فيه قبل أن يغيروا ملابسهما الرسمية.
أصلان سارع لتنظيم تفاصيل حفل عيد الميلاد تاركا إياهما يتجولان في الفيلا بحرية. كل جزء من الفيلا كان مصمما بعناية ويتميز بخصائص فريدة.
توقف هنا جاسر. سألتقط لك صورة. هيا ! مثل كل الأمهات الفخورات بأبنائهن كانت منهمكة بالتقاط صور لابنها بالهاتف الذكي الذي كان بيدها.
الفصل 278 يبدون متشابهين
تحول جاسر إلى نسخة صغيرة من أميرة يقف أمامها بابتسامة مشرقة تكشف عن ثمانية من أسنانه البيضاء مما أضفى عليه جاذبية لا تقاوم. كانت أميرة منهمكة في التقاط الصور وتسجيل الفيديوهات لابنها ساعية إلى توثيق كل لحظة في نموه بنية عرضها في يوم زفافه مستقبلاً وهو ما سيكون بالتأكيد لحظة مؤثرة.
عند التفكير في جاسر الذي كان يوماً ما طفلاً يزحف والآن أصبح يقفز حولها غمرتها المشاعر. الزمن قد مر دون أن تدرك شهدت نمو ابنها أمام عينيها. كل ما تريده الآن هو مرافقة جاسر في مسيرته نحو النضج.
عندما اندفع جاسر بعيداً قامت أميرة على الفور لتتبعه. لم يكن بعيداً عنهم كان هناك رجل يجلس في الطابق الثاني من الفيلا يستمتع بالشاي ونظرته تعبر عن السعادة لرؤيتهما يلعبان حوله.
قضوا بضع ساعات في اللعب قبل العودة إلى الفندق عند الخامسة مساءً. كانت الفيلا المجهزة في انتظارهم وعند وصولهم كان فريق المكياج قد وصل بالفعل لتحضيرهم للحفل.
بحلول الخامسة بدأ الضيوف يصلون تباعاً بما في ذلك هنادي التي على الرغم من تقدمها في السن ظلت مفعمة بالحياة. لقد كانت بطلة في شبابها قادرة على مواجهة التحديات بشجاعة ولم تفقد زخمها مع تقدم العمر.
هل وصلت أميرة وابنها ؟ سألت هنادي أكبر أحفادها الذي كان بجانبها.
نعم يستريحان في الفندق الآن. أجاب بتأكيد.
سأذهب لرؤيتهما الآن قالت هنادي قبل أن تغادر برفقة المربية أروى.
في تلك الأثناء كانت أميرة تقف على شرفة الفندق بعد رحيل فناني المكياج. جاسر كان جالساً على الأريكة منهمكاً بمكعب روبيك بينما كانت تستمتع بالمنظر الخلاب
فجأة دق الباب مذهولة للحظة سارعت أميرة لفتحه ووجدت أمامها المرأة العجوز ذات الشعر الرمادي فدعتها بحفاوة. السيدة الكريمة كبيرة عائلة البشير مرحباً بك.
أنا هنا لقضاء بعض الوقت معكما ردت هنادي بابتسامة.
بمساعدة من أميرة جلست هنادي في غرفة المعيشة. وبينما كانت تتساءل عن مكان جاسر دخل هو من الشرفة. عيناها اتسعتا فجأة معتقدة أن ضعف البصر لديها قد ساء.
كيف يشبه هذا الطفل الذي دخل لتوه أصلان في صغره؟
ظنت للحظة أنها قد عادت بالزمن إلى الوراء إلى أيام أصلان الأولى وأنه سيناديها جدتي في أي لحظة.
حتى أروى التي كانت بجانبها شعرت بالدهشة. هذا الطفل يشبه تماماً السيد أصلان في طفولته
على هذا أجابت أميرة بابتسامة محرجة جاسر تعال إلى
هنا.
ترك جاسر مكعب روبيك وتقدم نحوها بطاعة وأثناء مشيه كانت عيناه اللامعتان تحدقان بفضول في السيدة العجوز التي تجلس على الأريكة.
كانت عيون هنادي مليئة بالدهشة أيضًا. نظرت إليه وفجأة امتلأت عيناها بالدموع على الرغم من أن جاسر لم يكن من ذرية عائلة البشير إلا أنها شعرت بصلة قوية معه منذ لحظة رؤيته.
أنت جاسر أليس كذلك ؟ هل تستطيع أن تناديني بجدتي ؟ استقبلته كأنه من أحفادها.
مرحبا جدتي. أنا جاسر وأتممت الرابعة من عمري هذا العام رد جاسر بأدب وبصوت ملؤه الحيوية.
بعد أن تحدث التفتت هنادي نحو أروى وقالت بدهشة ألا يبدوان متشابهين؟ أظن أنهما يشبهان بعضهما تماما !
نعم يشبه تماما السيد الشاب أصلان أكدت أروى بإيماءة.
ثم عادت هنادي لتنظر إلى جاسر تتمنى لو كان من أطفال عائلة البشير. حتى إن لم يكن كذلك كانت تأمل أن تتزوج أميرة أصلان وتجلب جاسر ليكون من آل بشير.
انت أم مذهلة يا أميرة انظري كيف نشأ بشكل جميل هو لطيف جدا أثنت هنادي. وما إن انتهت من كلامها حتى أعطتها أروى الهاتف مكالمتك سيدة البشير.
ثم أجابت مرحبا ؟
ماذا؟ لماذا عاد؟
الفصل 279 قد ظهر
لماذا يوم ميلادي ؟ متى دعوته؟ لا أرغب في رؤيته هنا. اطردوه بعيداً. كانت كلمات هنادي حاسمة. إن لم تتمكنوا من ذلك فاطلبوا من أصلان التعامل مع الأمر.
بعد هذه الكلمات أنهت المكالمة وتنهدت بعمق. هناك أمور لا يمكن التسامح بشأنها أبدا.
يبدو أن السيد الثاني لا يزال يحاول سيدتي الفاضلة كبيرة عائلة البشير.
حسنا عائلة البشير لا ترتبط به سواء استسلم أم أصر. ثم ابتسمت برفق ونظرت إلى جاسر الواقف بجانبها قائلة جاسر أمل ألا أكون قد أخفتك شخص أكرهه قد اتصل بي ولذلك كنت جادة.
أحضروا له بعض الفاكهة التي يعشقها. وجهت هنادي تعليماتها إلى أروى قبل أن تعود بتركيزها إلى أميرة وقالت تفضلي يا أميرة. دعينا نتحدث.
في اللحظة التي جلست فيها سألت هنادي بصدق ومباشرة. دون أن تتحفظ هل تعلمين من هو الشخص الذي ذكرت أنني أكرهه ؟
أميرة هزت رأسها. لا أعرف الكثير عن عائلة البشير. افترضت أن الڠضب الذي شعر به أصلان هذا الصباح كان بسبب نفس الشخص.
إنه رائد البشير ابن زوجي السابق والذي يفترض أن يكون عم أصلان. لقد باع سراً حصص الشركة في الماضي والتي اكتشفتها في النهاية. ذهب ابني وزوجته للتعامل مع هذه القضية ولقد تحطمت الطائرة التي كانا على متنها مما أدى إلى وفاتهما. كشفت هنادي بهدوء عن هذه الحقائق المؤلمة. وبالرغم من مرور عشرين عامًا لا تزال هذه الحاډثة غير مقبولة بالنسبة لها.
عند سماعها ذلك شعرت أميرة بالصدمة. هل هذا هو سبب فقدان أصلان لوالديه وهو صغير ؟ المكالمة هذا الصباح .... يجب أن تكون متعلقة بهذا الشخص أيضًا! وإلا لما كان غاضبًا إلى هذا الحد
أصلان يمقته. على الرغم من أنه كان جزءاً من عائلة البشير قمنا بطرده إلى الخارج منذ أكثر من عشرين عاما. أعلم أنه عاد الآن يأمل في الحصول على فائدة مني لأنه عيد ميلادي. لكنني لا أرغب في رؤيته أبدا مجددا!
تحدثت هنادي بعيون ممتلئة بالكراهية.
لا تقلقي سيدتي العزيزة كبيرة عائلة البشير. سيتعامل أصلان مع الأمر طمأنتها أميرة بكلماتها.
أميرة أصلان بات عمود عائلتنا الآن. لقد تقدمت في السن ومع ذلك لم يتزوج بعد أخشى أنني قد لا أعيش لأشهد زفافه. هكذا بدأت هنادي بنبرة مشحونة بالعاطفة وهي تنظر إلى أميرة.
هذا الحديث جعل قلب أميرة يضيق وأنزلت رأسها مباشرة مدركة تماماً مغزى كلام هنادي
أود حقاً أن تكوني أنت من يشغل مكانة الحفيدة بالنسبة لي. لا يوجد غيرك يمكنه إسعادي بهذا القدر. بعكس هالة لا تروق لي فهي تبدو مصطنعة. عاملت هنادي أميرة كجزء من عائلتها مفتحة قلبها لها بكل شفافية.
رغم ذلك شعرت أميرة بوطأة الضغط إذ لم تفكر قط في فكرة الزواج من أصلان
أنت الأنسب له أصرت هنادي.
أميرة وجدت نفسها عاجزة عن الرد. بالطبع لم تكن ترى نفسها كالخيار الأمثل له لديها العديد من العيوب التي كانت تخفيها جيدا.
أعلم ما حدث بين أصلان وهالة سابقاً. كان أصلان ضحېة خداع لم يكن ذلك بقصد منه. كان ما زال شاباً وغير مدرك قبل خمس سنوات. أرجوك أن تغفري له ! هكذا حاولت هنادي التوسط الأصلان.
مرتبكة وغير متأكدة مما يجب القول لم تستطع أميرة إلا أن تضغط على شفتيها محافظة على ابتسامتها.
أليس غريبا أن يكون جاسر شبيهاً بأصلان إلى هذه الدرجة ؟ إنهما يتطابقان كقطعتي لغز. لقد كدت أظن أنني قد عدت بالزمن إلى أيام أصلان الطفولية ! واصلت هنادي بعاطفة واضحة.
أميرة لم تكن تعلم سبب تشابه جاسر وأصلان لكنها كانت على دراية بأن والد جاسر البيولوجي كان شخصاً عابراً يعمل في ناد.
فكري في أصلان يا أميرة. أؤكد لك أنه شخص رائع. باستثناء ما حدث مع هالة لم تكن هناك أخطاء أخرى تذكر في سلوكه بجدية نصحت هنادي أميرة كأنه لا يوجد خيار آخر لها سوى الزواج منه.
لكن هذه الكلمات أثارت مشاعر متضاربة في قلب أميرة وزادت من شعورها بالضغط. لم تكن ترغب في أن تجبر على علاقة مع أي شخص حتى لو كان أصلان يعد الرجل المثالي في أعين الكثيرين. كانت تأمل في أن تبني علاقتها معه بطريقتها الخاصة.